المعلم والكتاب المدرسي : من يستعمل من ؟
تمثل الكتب المدرسية احد أهم الوسائل التعليمية التي تضم الجزء الكبر من المقرر المدرسي في مادة ما, واحد أهم عناصر المنهاج التعليمي.وهو بذلك وسيلة مشتركة بين التلميذ والمعلم و أهم مصادر التعلم والمعرفة بالنسبة للتلميذ...بغض النظر عن سؤال الجودة في الكتب المدرسية فهي تشكل الاطار العام لعمل المعلم وتتضمن الغايات والأهداف التعليمية التي يتوخاها الدرس ويجب العمل على تحقيقها,كما توفر للمعلم العديد من السبل والمساعدات في سبيل القيام بدوره على أكمل وجه.دون أن ننسى انها توفر في غالب الأحيان على أساليب التقويم الخاصة بكل مرحلة تعليمية.
تختلف أشكال العلاقة بين الكتاب المدرسي والمعلم بين من يتفادى تتبع خطواته المحددة بنوع من العبودية الإدعان, وبين من يرى مضامين واقتراحات الكتاب المدرسي قاصرة عن تحقيق المطلوب وبالتالي وجب الإجتهاد والبحث عن طرق وأساليب أخرى لتحقيق الغاية التعليمية .وهذا ما يفسر الإختلاف الكبير في طرق العمل وفي نسبة الإعتماد على هذه الوسيلة التعليمية بين معلم وأخر.فهل من الخطاء الإعتماد كليا على الكتاب المدرسي؟
الكتاب المدرسي وثيقة تربوية وعنصر هام من المنهاج التربوي التعليمي وهذا يعني أن هناك عدد من المكونات الأخرى التي تشكل مجتمعة منهاجا تعليميا. بذلك فالاعتماد على الكتاب المدرسي بطريقة مطلقة يلغي وجود عناصر المنهاج الأخرى كالأنشطة الموازية والوسائل التعليمية الأخرى وكذا اللمسة الإبداعية في التعامل مع المقرر.وهذا ما يحدث الفرق بين معلم وأخر ,فلو أن جميع المعلمين عملوا على تطبيق اقتراحات الكتاب المدرسي بطريقة حرفية لخلصنا الى نوع من النمطية التي لا تبعث الا على الملل ولكان العمل التعليمي عملية ميكاكلمة غير مسموح بها ف المنتدىية لا تتعدى التطبيق الحرفي وبشكل موحد.
إن عملية التحصيل عملية نسبية وليست هناك طرق تضمن التحصيل المطلق لكل المضامين التعليمة كما لا وجود لكتب مدرسية صالحة لكل المجتمعات والثقافات وهذا ما يفسر تواجد أشكال متعددة من المقاربات التي تستدعي بالضرورة طبيعة المتعلم وخلفيته الثقافية والإجتماعية.بذلك فلا يمكن الجزم بتحقق الأهداف التعليمية باتباع اسلوب الكتاب المدرسي الموحد والمعلم هو المخول بحكم معرفته بالتلميذ لإختيار المناسب من الطرق والأساليب التعليمية وكذلك نسبة اعتماده على الكتاب المدرسي كوسيلة تعليمية.المهم في كل هذا أن يتم التطرق للمضمون التعليمي المقرر طالما أن المتعلم مطالب باجراء اختبارات قد لا تكون من صياغة المعلم نفسه.
الغايات التعليمية موحدة وطرق مقاربتها يجب أن تكون خاضعة للاختلاف الحاصل بين تلميذ وأخر وبين بيئة اجتماعية وأخرى.هنا يكمن دور المعلم في البحث عن المناسب لتلاميذه من الوسائل التعليمية المتوفرة وأساليب التدريس الناجعة.الحديث هنا عن الحالة المثالية او بالأحرى ما يجب أن يكون.أما ما هو حاصل في مؤسساتنا التعليمية فهو في الغالب اعتماد مطلق على الكتاب المدرسي دون الكثير من الاجتهاد المطلوب في هذا الاطار.وقلما نجد معلمين يحاولون البحث في اساليب التعليم ووسائله المتوفرة.
هنا يجب ان لا نغفل اللإكراهات التي قد تدفع المعلم الى أن يكون مسيرا من طرف الكتاب المدرسي.فالوسائل التعليمية غالبا ما تكون تتوفر في المؤسسات التعليمية وإن وجدت فإن استعمالها هنا يخضع للكثير من البيروقراطية الإدارية التي تدفع الى الإستغناء عنها.كما أن طول المقرر وكثرة الدروس تجعل المجال ضيقا للمحاولات الإبداعية الشخصية للمعلمين فيصير من الصعب الإبتعاد عن الكتاب المدرسي حتى لا يتأخر المعلم في تغطية مكونات المقرر في الزمن المدرسي المحدد.
المعلم اذا هو المحور الأساسي في العملية التعليمية الى جانب المتعلم .أما الكتاب المدرسي فليس إلا وسيلة أو وثيقة تربوية في يد المعلم. والاعتماد كليا على الكتاب المدرسي يؤدي مباشرة الى ضمور دور المعلم وإقصاء لمسته الإبداعية.الأجدر اذا ان يُستعمل الكتاب المدرسي كوسيلة تعليمية قابلة للتغيير في حال توفر البديل الأفضل وان يسعى المعلم في اطار الممكن الى استعمال الكتاب بدل ان يخضع لسلطته.
م / ن