التنوع في الألوان المفضي للتكامل ظاهرة صحية ، ترسم لنا لوحة منسجمة رائعة باهية الالوان ، اختلاف لكنه تكامل ، وليس تعارض وتعاكس ، التنوع يضفي بهجة على النفس ، ويكسب الكون جلالا وبهاءا ونسقا رائعا ويضفي عليه جمالا باهرا تسعد الروح فيه بهجة وسرورا وترتاح العين وهي تملّي النظر في جماله الآخاذ
الكون الفسيح بتنوعه يرتدي توبا مزركشا متنوعا منسجما، هذا هو التنوع الذي ارتضاه الله لنا ونسعى لتحقيقه
أما حين يفضي اللإختلاف للتصادم لن تكون السورة كما رُسمت ، خلابة بألوانها الزاهية ، ستكون الصورة بشعة ألوان متشاكسة بعيدة عن روح الاخوة ، تُنفر الناظر وتبعد عن المقصود وتفكك النسيج
الكون على تنوعه راحة للعين وانشراح للصدر تكاملَ ليشكل ابداعا باهرا ، والكل ينساب في بوتقة واحدة ، إجلالا للمبدع الكريم ، لا ضير في الإختلاف لأنه من سنن الكون ، ما يحز في النفس هو ما تنفثه بعض الاقلام من سم وانتقاد هدام ، يُبعد صاحبه عن جادة الحق ، من المعلوم أننا نختلف في أشياء كثيرة : بيئتنا ، أعمارنا ، رصيدنا المعرفي ، المستوى الثقافي ، فهذا الإختلاف حتما سينعكس على اختلاف أفكارنا ، وعند طرح أي موضوع من الضروري أن تجد من يدعم فكرتك ومن يعارضها وفقا لما أشرنا له من اختلافات
الإختلاف ليس غاية وهدف ، هو حالة طبيعية جاءت وفقا لعوامل شتى ، لكن لو وضعنا له ضوابط تحكمه لأضحى حالة إيجابية ، تثري مائدة النقاش وتجعلها تزخر بالأفكار وتنمي فيك روح الحوار البناء
ننتقي الكلمات حتى مع الإختلاف ، ونترك مساحة نناقش فيها آراءنا وننتقد انتقادنا بناءا ، وجود الرأى الآخر مهم حتى يُثري مجتماعتنا ونستفيد من آراءهم ، بأفكارهم المتنوعة المنتقاة سيكسبون قلوب من يحاورونهم ، والاخوة أكبر مكسب ، إضافة رصيدهم المعرفي فيه إغناء للحوار
وكل موضوع مطروح تم تنشيطه بالحوار والمداخلات ، زاد من رصيد الكاتب المعرفي وخاض مواضيع قيمة وعالية لأنه استفاد من النقاش الدائر وزاده إلماما وعلما بما غاب عنه ، فالأفكار التي تدعم مواقفك تجعلك أكثر صلابة وثبات على أفكارك ، متمسكا بها يزيدك الدعم مقاومة لإثبات أفكارك ولا تتزعزع عنها ، وأما الآراء المخالفة تجعلك تُقيم الخلل وتصحح المسار حتى تغدو أفكارك ومواقفك اكثر حزما وقوة
جيد أن تعبر عن آراءك وتعبر عن مخزون أفكارك ، مع اجتناب الإختلاف الذي يُفضي للجدل العقيم ، أوللكلمات الجارحة التي تنتقص من قدر أخيك وتقلل من شأنه
سيستفيد مجتمعنا من الآراء المختلفة حين تكون غايتهم بلوغ الحق لا أن يتخذوا الجدل مطية للتسفيه وخلق جو تشاحن وتوثر وفصام ، الحق هو خط النهاية قد تتعدد الطرق لكن خط الوصول واحد وهو محطة الكل
ماذا لو غيرنا من طريقة تقديم أفكارنا حتى تكون لها قابلية عند من يحمل آراء تناقضك ، تقارب تخلق جو تآلف وتنشئ جسور الحوار ، حتى ترتقي بأفكارك وتنميها وحتى يُثمر الحوار في جو أخوي هادئ
ويكون المنبع واحد مع اختلافنا ، المنبع الصافي نستمد منه قوة تزيد روابطنا متانة وخط الوصول واحد والكل ينشده : الحق هو مرفأ الامان الذي ترتاح فيه الانفس حين تبلغه
ماذا لو جعلنا من اختلافنا ، اختلاف تكامل لا اختلاف تطاحن وتنافر ونحمل شعارا ، رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأيك خطأ يحتمل الصواب فسحة حتى نبني حوارنا على أسس متينة نُصغي للآخر فيثمر الحوار ففي تنوع الأفكار إفادة مع تعزيز روابط الاخوة وتكون لنا أكبر كنز ، ونعي أن الإختلاف لا يفسد للود قضية ولا يفضي للضغائن وتوغير الصدور وحتى حين نناقش ما احوجنا لأدلة دامغة حتى نزكي بها أفكارنا وتكون زادا لنا في حواراتنا ، لا نجادل فقط لنسف أفكار الخصم بل بحجج متينة وثابتة وقوية ومترابطة ومحكمة
الحوار الهادي والهادف يثمر مواقف كريمة ويسفر عن نتائج ملموسة تغني الساحة ويسود الود والإحترام والتقدير حتى مع الإختلاف
منقول