كيف تنظم نومك ووقتك في رمضان؟
أكثر ما يربك أوقات الناس وإنتاجيتهم في العمل وخارجه في رمضان هو عادات النوم. فبحكم التغيير الفجائي لمواقيت العمل، تضطرب مواعيد الاستيقاظ والنوم لدينا، فتتغير ساعتنا البيولوجية. وتنصح مديرة مركز اضطرابات النوم والاستيقاظ بمدينة تشيفي تشيس الأميركية د.هلين إيمسليم كل من يريد ضبط ساعته البيولوجية بـ«تحديد موعد الاستيقاظ» بحيث «يلتزم به الشخص ولا يحيد عنه مطلقا» وفق ما قالته لخدمة «واشنطن بوست» الخاصة بـ«الشرق الأوسط». وتضيف: «يفضل أن تستيقظ من نومك في الوقت نفسه كل صباح، حتى في أيام العطلات»، ذلك أنك «إذا تأخرت عن ميعاد استيقاظك أكثر من 90 دقيقة في أيام العطلة، فإن هذا يجعلك معتادا على مواعيد استيقاظ متأخرة».
ولفتت إلى أمر آخر ربما يجهله كثير من الموظفين، وهو قوة تأثير الضوء في تنظيم الوقت (النوم). حيث تدعونا د.هيلين إلى تعريض أنفسنا إلى «ضوء ساطع بمجرد الاستيقاظ لمدة لا تقل عن 20 دقيقة، سواء عن طريق المشي.. أو اللجوء إلى مصدر أخرى للضوء». ويتفق معها مدير وحدة طب النوم بكلية الطب بجامعة هارفارد، د.تشارلز سيزلير، حيث قال إن «الساعة البيولوجية تتأثر بالبيئة المحيطة، خاصة التعرض للضوء الذي يغير من ساعة الجسم ويمنع إفراز هرمون الميلاتونين، الذي يرسل إشارات للجسم بأن وقت النوم حان». وهذا هو «السبب الذي يجعل الكثير من الناس يستيقظون بسهولة في الصيف، حيث تشرق الشمس في ساعة مبكرة» وفق قوله. ويلفت إلى قضية أخرى لا ينتبه إليها كثير منا، وهي أن التعرض إلى الضوء المنبعث من الحاسوب والتلفاز وغيرهما من إنارة صناعية قد يجعل الخلود إلى النوم مبكرا عملية صعبة.
أما فيما يتعلق بمسألة تنظيم الوقت، فإنها تصبح أكثر أهمية في رمضان عن غيره، لأن عدد ساعات العمل الرسمية يقل لنحو خمس ساعات تقريبا، وتزيد في المقابل الواجبات الاجتماعية والدينية بصورة كبيرة، مما يجعل وقت الموظف في العالم العربي ضيقا جدا. وعليه فإن أفضل وأبسط طريقة لتنظيم الوقت هي تقسيم الأعمال لنوعين: الأول هو «الأنشطة الذهنية»، التي يفضل إنجازها في الصباح الباكر، حيث يكون الموظف في أوج نشاطه، ومنها التخطيط، كوضع قائمة بالأعمال المطلوب إنجازها لهذا اليوم، لأنها توفر ساعات طويلة يمكن إهدارها من دون تخطيط. ومن الأنشطة الأخرى التي تتطلب تركيزا ذهنيا كبيرا في الصباح: كتابة التقارير أو الرسائل (لمن لا تعد الكتابة حرفته)، والمعاملات المالية والرقمية الدقيقة، وغيرها من مهام صعبة يقوم بها الموظف لأول مرة.
أما النوع الثاني فهو «الأنشطة البدنية» التي يفضل تأجيلها إلى ما بعد الظهر، لأنها لا تحتاج إلى مجهود ذهني، وإنما بدني (غير مرهق طبعا!) ومن أمثلتها: عقد الاجتماعات واللقاءات والزيارات التفقدية للإدارات أو الموظفين، والاتصال بالعملاء، وغيرها، وهذه كلها «أنشطة كلامية»، إن جاز التعبير، لا تتطلب مجهودا ذهنيا كبيرا، ولكنها مهمة لإنجاز العمل. وعلى الصعيد الشخصي يمكن القيام بزيارة مريض أو قريب أو صديق أو قراءة الورد القرآني، وغيرها في فترة العصر، حيث ينخفض مستوى الطاقة والسكر في الدم لأدنى مستوياته.
البعض يبدأ بالأنشطة «البدنية» أو الخفيفة في الصباح الباكر، فيكتشف أنه ليست لديه همة كافية في نهاية اليوم لإنجاز المهام «الذهنية» التي تتطلب تركيزا ونشاطا، فيؤجل وتتراكم عليه الأعمال، وربما يغضب عليه مديره أو عميله فيسقط في يديه، ثم يعلق تقصيره على شماعة شهر رمضان!
الطبيب والكاتب المختص في الصحة المهنية د.ساجد العبدلي، قال في اتصال هاتفي أجريته معه، إن أكثر ما يرفع إنتاجية الموظفين بعد أخذ قسط كاف من النوم هو تناول وجبة سحور مغذية تمدهم بالطاقة، حيث يجب أن تحتوي على «مكونات غذائية تهضم ببطء، وذلك حتى تستمر طوال النهار في تزويد الجسم بالطاقة اللازمة، ومن أمثلتها الأرز والقمح» وينبه إلى أهمية «الابتعاد عن المواد المليئة بالدهون مثل المقليات، وتلك التي تسبب الغازات مثل البقوليات»، مشيرا إلى أهمية «الإكثار من السوائل، وتحديدا الماء». وفي الحديث الشريف «تسحروا، فإن في السحور بركة».1
إن أردت تنظيم نومك ووقتك في رمضان، فحاول تغيير روتينك قبل قدوم الشهر الفضيل بأيام قليلة حتى تتأقلم عليه بسهولة، وحتى يكون شهرا مليئا بالإنجازات والراحة البدنية والذهنية.. والروحية.