1- وضـوح الـعـنــوان و شـمـولـيتــه :- يـقـرأ الـكـتاب مـن عـنوانـه، فـعـنـوانـه دلـيل على موضوعـه، و تحـديد مـفرداتـه و مـتغـيراتـه . فـالعـنوان يجـب أن يـكـون :-
- دالآ على مـحـتويات (مـحـاور) البحـث و شـامـلآ لـها ، وأن يكـون ورودهـا في العـنوان بالـتـسـلسـل الذي ترد فيـه في الـمــتن , وفـي الـوقـت الـذي يجـب أن يغـطـي العـنوان جـوانـب مـوضـوع البحـث ، مـن الضـروري أن لا يضـم الـمـتن مـفردات لـم ترد في العـنوان .
- مـؤشـرا التخـصـص الـعـلمـي الـذي ينـتمـي إليه ، فـالكـثيـر مـن الـمـوضـوعـات الراهـنة تدرس مـن اكـثر مـن اخـتصـاص عـلمـي ، ومـن اكـثر مـن زاويـة و مـنهـج بحـثي . فالتنمية البشرية والإدارية والنفسية والبيـئيـة والمجتمعية والإقتصادية وغـيرهـا مـن مـوضـوعـات أصـبحـت مـشـتركـة و مـتداخـلـة الـتخـصـصـات .
- واضـحـا لـيشـد القارئ و يجـذبـه ، ويكـون حـافـزا لـلقـراءة والاطـلاع .
2- وضـوح حـدود الـبحــث و أبـعـاده :- البحث نشاط علمي من الضروري أن يدرس بشكل جيد قبل القيام به ، أي أن تتـبلـور فـكـرتـه والتخـطـيط له وبرمـجـة خـطواته وحساب كل الاحتمالات و التحسب لها . وجزء من عـملـية الـتخـطـيط ، تحـديد حـدود الـبحـث , فالحـدود الجـغـرافـيـة لـمنـطـقـة الـدراسـة يجـب أن ترسـم عـلـى خـارطـة ، مـع تحـديد دقـيق لأبعـاد الـمـوضـوع الـذي سـيدرس فـي هـذه الـمسـاحـة, وبتـأشـير أبعـاد الـمـوضـوع تسـهـل عـمـليـة تحـديد الـمـفـردات التـي سـتعـتمـد في الـدراسـة لـلـتحـليل و الـتفـسـيـر .
3- الاسـتيـعـاب الجـيـد لـمـوضـوع البـحـث :- من الصعب الكتابة عن موضوع لم يتم استيعاب مـخـتلف جوانبه ومعطياته ، وكلما كان الاستيعاب والإدراك جيدان سهلت عمليةالكتابة وتتابعت وتناغمت مفرداتها ، وبالتالي كانت واضحة و مفهومة من القارئ , ومن المهم ملاحظة إن كـتابة الـبحوث الـعلـمية تخـتلـف عن الـكـتابات الأدبية وسـياقـاتها وأساليبها, إنها عرض منهجي لـنشاط فـكري قـام الـباحـث به لـيناقـش آراءه وأفكاره و يـستـعرض ما توصـل إليه من نتـائج عـنـد تقـصـيه عن حـقـيقـة مـعـينـة أو الإجابة عن تـساؤل مـحـدد ، مـع السـعـي لاقـناع القارئ بالنتائج والآراء و الأفكار الواردة فيه . فالـباحـث لا يكـتب لـنفـسـه ، إذا كان الأمر كـذلـك ، فـلـماذا ينـشـره و يطـلب من الآخـرين تقـيمـه ؟ و بـديهـي لا يمـكن إقناع الآخرين مـا لـم يكـن الباحـث مـستـوعـبا و مـقـتنـعـا بالـموضـوع قـيد البحـث ، ومـا لـم يكـن واضـحـا وأمينا وصادقا في طروحاته .
ومن اجـل أن يكـون الاسـتيـعاب وافـيا ، على الباحث أن يجمع معلومات كافية عن منطقة دراسته بوجـهـيها الـمكاني و الـموضوعي ، وان لا يتحـدد بمـيدان تخـصـصـه فقـط ، ولكـن بعـد أن يسـتوعـبه جـيدا كـي لا يقـع في الـمـتاهـة الفـكـريـة و يبـتعـد عـن فـلسـفـه تخصصه الأكاديمي . واسـتيعاب موضوع الـبحـث و الـمعـرفة الـدقـيقـة بـمـنطـقة الـدراسة يساعـدان الـباحـث على امـتلاك نظرة ثاقـبة لـنقـد الأفكار و الآراء ، ويوفـران الأرضية الصلبة التي يسـتنـد علـيها لاخـتيـار مـتغـيرات الـدراسـة ، و بالـنهاية ، تساعده في تفـسيـر الـنتـائـج ، الـتفـسـيـر الـذي يمـيـز الـبحـث عـن الـتقـاريـر الـمـسـحـيـة .
4- ســلاســة الأســلـوب : - ولكي تكون الأفكار والآراء و النتائج التي يعرضها الباحـث مفهومة من القارئ ، من الضروري تقديمها بأسلوب سهل واضح . ولـتحـقيـق هـذا من الضـروري :-- أن تعـرف الـمصـطـلحات و الـمفاهـيم و تـحـدد بدقة .- أن تكون مـوحدة في معناها و مغزاها في عـموم الـمتن .- إن تـفـسـر الجـمل نـفـسـها دون إثارة شكوك أو حـيرة أو نقـص في التعبير والمعنى .- إن تتـسـلسـل الأفكار و تـترابط دون تكرار أو قطع .- إن يتـجـنب الـباحـث الإطناب الـممـل ، و الإيجاز الـمتـعـب .
عـنوان البحث هو مفتاح ودعوة لـلـقراءة ، والأسلوب هو الطريق الذي تنقل عبره الأفكار والـنتاجـات الـفكرية , فإذا كان هذا الطريق غـير مـعـبد وكـثير الـمنـعـطـفات و الـمنـحـدرات والـتوقفات غير الضـرورية ، حـينها لا يطرقـه إلا القلة ، وبهذا تتـدنى الفائدة من البحث و نتائجه ، وبالتالي من جهد الباحث , فالكلام هو تفكير مسموع ، والبحث هو تفكير مكتوب ، وأسلوب الكلام و الـكـتابة يعكسان شخصية الكاتب وثقافته , والأسلوب الـسـلـس السـهل يشـوق القارئ و يدفـعـه لـمـتابعة الـنتاجات الأخرى لـكاتب .
5- الإسناد الـعـلـمـي :- لا يبـدأ الباحث دراسته من الصـفر ، فأي موضوع قد تم بحثه ومناقشته بصورة مباشرة وغير مباشرة ، وهناك إشارات عن جوانب الموضوع و معطياته في مختلف المصادر, وحتى في الـمـسوحات الـمـيدانية الصرفة هناك من قام بدراسة مماثلة أو قريبة في مكان أو زمان آخر , وقد توصل البعض إلى نتائج قد تكون مغايرة أو قريبة أو شبيهة . فالعالم صغير ولا يعيش الإنسان في فراغ ، بل في بحر تتلاطم أمواجه الفكرية ، وتتبادل ميادينه المخـتلفة الخـبرة و الـتقـنيات و الـنتائج ، لذا فإنها تشترك في اكثر من جانب وفي العديد من المعطيات , فجـميع العلوم معنية بالإنسان و البيـئة التي يعـيش فيـها و ينشط ، أي إنها تشـترك في المكان و الموضوع و الهدف ، ولكن ، لكل واحد زاوية نظـر مختلفة بعض الشيء , وتفيد العودة إلى الدراسات ذات العلاقة في توسيع أفق الباحـث و ترسخ السياقات العلمية لديه، وتوضح ما قد يشوبه الغموض و الـلـبـس .
وعلى ضـوء الدراسات ذات العلاقة يتم :-(1) تحـديد منطقة الدراسة بصورة موضوعية .(2) اخـتيار المفردات و المتغيرات التي ستعتمد في الدراسة .(3) انتـقاء الـتقـنيات الـمناسـبة لـلـتحـلـيل و العرض.(4) إسناد النتائج التي يتوصل إليها الباحث مما يدعم صواب عـمـلـه .(5) تفـنيـد بعض الآراء و الـنتائج التي توصل إليها باحـثون آخرون .(6) توضيح أثر العوامل الأخرى : الزمن في الدراسات الـتتـبعـيـة ، خـصوصـية الـمكان في الـدراسات الـمقارنة ، وهـكـذا . ومن أجل أن يكون الإسناد صـحـيـحـا ، ومـؤديا الهـدف ، من الضـروري :-(أ) التعريف بأفكار الآخرين كما هي دون اجـتزاء أو انتـقـاء ذاتـي.(ب) الإشارة إلى المصدر الذي أخـذت منه الأفكار و الآراء و الـنتائج .(ج) ذكر نتاجات الآخرين دون حـجـبها وحـيثما يكون ذلك ضروريا و مناسبا في المتن . والإسناد العلمي يغني البحث ويعزز قـيمته ، ويعـكـس اطـلاع الباحـث وسـعـة أفـقه . انه العـصـا التي يتـوكأ عليها الباحـث في الصـعاب ويؤشـر بها على الـبارز من نتائج دراسته ليؤكـد صـواب عـمـلـه دون الـتبـجـح بأنه سـباق إليه . انـه أمـانـة عـلـمـيـة . 6- تمـاسـك عـناصـر البحـث و تـرابـطـهـا :- يتكون كل بحث من مجموعة من الـعـناصر (الأركان) التي يستند عليها ، وتمثل محاورا أساسية يدور حولها الـتقـصي . وهـذه الـعناصر (الأركان ، المحاور) تكمل بعضها وترتبط مع بعض بعلاقات وظيفية و / أو سـببـية . وفقـدان أحدها يؤثر سلبا على البحث و نتائجه . فموضوع الـبحث هو نظام ثانوي اشـتـقاقـي مـفـتوح ABSTRACTED OPEN SUB-SYSTEM ، أي بالإضافة إلى تفاعل عناصره مع بعضها فانه مفتوح لتأثير العوامل و العناصر الأخرى من النظام الأكبر الذي اشتق منه النظام الثانوي .وبالكتابة وفق هذا المنظور، يكون البحث كعملية بناء هيكل يعتمد كل جزء فيه على وجود الأجزاء الأخرى و يكملها, و فقدان أي منها يترك الهيكل ناقصا بشكل جلي ، فـمـفردات الـفصل مـتكاملة مع بعضها، والـفصول تكمل بعضها وترتبط ببعضها بسلسلة ذهـنية ، موضوعية، منـهجـية، مـفاهـيمـية موحـدة, يتـمثـل الـسـر بكـلمـتي : الـتخـطـيط والصـياغـة ، تخطيط وبرمجة إجراءات البحث ، وصياغة الجـمل الـمعـبرة عن هـذا الـمـعـمـار الـفـكـري .
7- تنـاسـب طـريـقـة التحـليـل :- تصـنف البيانات حسب نوعها إلى : أسمية ، تراتبية ، و الفاصلة ، وتصنف الطرائق الإحصائية حسب عدد المتغيرات التي تتعامل معها ، وحـسـب طـبيـعـتها ، وصـفـية و تحـليـليـة . وقد أسـيء إلى الإحصاء ، كطرائق في التحليل من قبل الكـثير لعدم أخذهم بمتطلبات كل طريقة من بيانات و خصائص . إضافة إلى هـذا ، فان البعض لـم ينظـر إلى تناسـب الطـريقـة مـع هـدف الدراسـة , المـحـصـلـة الحـتمـية نتائج مـضـلـلـة, فـلـلـحصـول على نتائج صـحـيحـة يجـب أن يكـون هـناك توافق بيـن الـمـدخـلات (البيانات من حيث الدقة والـتـناسـب) و صـندوق الـتحـليـل (طـريقة الـمعالجة) ، وحـينها فقـط تكـون الـمخرجـات صـحـيحـة يعـتـد بـها .
ولا يعتمد اختيار الطريقة التحليلية المناسبة على طبيعة البيانات المتوافرة فقط ، بل وعلى هدف البحث و الـعـمـق (الـبـعد) الذي يطمح الباحث إن يغوص إليه . إن اتخاذ القرار بشأن نوعية طريقة التحليل ليس سـهـلآ ، ولكنه يكون كذلـك عندما يطلع الباحث على كتابات الآخرين في موضوع دراسته ، وعندما يكون قد تدرب جيدا على استخدام الطرائق التحليلية المتنوعة . و الاسـتشـارة هنا ضـروريـة لضـمان صـحـة النتائج .
8- تـفـسـير الـنتـائـج :- لا يمكن ترك النتائج و الأرقام دون تعليق أو تفسير, فالمسـح الميداني يمكن إن يقوم به أي شخص ، و التحليل الإحصائي قد يساعد به شخص مختص به، ولكن تفسير النتائج أمـر مـرهـون باسـتيعـاب وهـضـم فـلـسـفـة الاخـتصـاص, إنها الـمـحـك الـذي لا يـدانيـه شـيء , فإجراءات البحـث، بمـعـظـمـهـا ، يمـكـن أن يقـوم بـها أي شـخـص يـوجـه لـلـقيام بـها إلا التفـسـير فانـه الـوحـيد الـذي ينـقـل (الــكتابـة) مـن حـالـة الـتقـريـر report إلى البحـث research .
ويعتمد تفسير النتائج بصورة صحيحة ، أو مـقـبولـة عـلـى :-(أ) اسـتيـعاب الباحث لفلسفة اختصاصه ، فالكثير من الموضوعات متداخلة لاشتراكها في المجال و التقنيات. ولكل اختصاص علمي نظرياته و معطياته التي يميز نفسه بها .
(ب) الاطلاع على الدراسات العلمية ذات العلاقة واعتمادها في إسناد النتائج .
(ج) المعرفة التفصيلية بمنطقة الدراسة و مجتمعها (مجتمع الدراسة) وموضوع البحث .
9- تجـسـيد الخـلاصـة لـمفـردات البحـث و نتـائجـه :- يعـمـد البعـض إلى ذكر كل ما يعتقده صحيحا في خلاصة البحث سواء أكان ذلك واردا في المتن أم لا , وهـذا خـطـأ فادح ، فالخلاصة هي خلاصة ما جاء في متن البحث من مفردات و منهج و مشاكل و نتائج. كذلك الأمر عند كتابة المقترحات و التوصيات ، والتي يجب إن يكون لها أساس (مصدر) في متن البحث , في الغالب ونتيجـة ضـغـط الحـياة وكثافة العمل فان العديد يقرأ الخلاصة ليرى تناسب البحث مع احتياجاته , فإذا كان المتن مغايرا لما في الخلاصة عـندهـا تكـون صورة الـكاتـب وأمانته في موضع لا يرضاه لنفسه ، ولكنه هو السبب في ذلك .
10- الـمـصـادر و الـمـراجــع :- لكل بحث مـصـادر و مـراجـع ، وذكـرهـا بأمانة و صـيغـة صـحـيحـة يعـزز صـورة الباحـث و يجـمـلـها . فالكـثيـرون ، وبعـد الإعجاب بالعـنوان ، و بعـد الاطـلاع على الخـلاصـة يراجـع صـفحـة المـصـادر لـتكـون الفـصـل في قـراره فـي إدراج البحـث ضـمـن قراءاتـه أم لا , ولـلـمـصـادر دور بارز في تقـييـم البحـث و درجـة الاعـتـمـاد عـلـى نتـائجـه والإشارة إليها .
وبـعـد فإن رسـم ملامح الشخصية بالكلمـات لـيـس أمرا سـهـلآ , فهـذه أبـرز قواعد ومـعـاييـر الكتابة ، فـمـن أراد لنـفـسـة مـعـرفـة مـشـرفـة فـلـيجـهـد نفـسـه و يعـتمـدهـا لـتكـون صـورتـه زاهـيـة وضــاءة بيـن الكـثيـر مـن الصـور غـير الـواضـحـة الـمـعـالـم .